الفنان معتز العمري … ذاكرة وطن

with No Comments

0 SHARES 41 VIEWS Share on FacebookShare on Twitter

الفنان والباحث حسين صقور ( الفينيق ) رئيس مكتب المعارض والصالات المركزي
الاتجاه الفني هو انتماء جماعي لمدرسة معينة مدرجة ضمن سلسلة المدارس التي تتوالد عبر التاريخ وتطلق التسميات عليها من خلال دراسات اكثر شمولية لتقاطعات وتشابكات في الأسلوبية لمرحلة معينة و في زمن معين … أما الأسلوبية فقد تنتمي لاتجاه معروف ولكنها تتفرد بكونها البصمة الخاصة للفنان التي تمنحه التميز والاختلاف
هي التكنيك الخاص الذي تمنحه رعشات الروح والرعشات الخاصة بالفرشاة
هي ذاك الامتداد الذي يمنح تكويناته وأشكاله تلك الغرائبية الراسخة أو السابحة في فضاءات لوحته
وحين يتفرد الفنان بأسلوبيته على المدى الأوسع فهو يؤسس لاتجاه جديد


تلك مقدمة قد تصلح للحديث عن فنان شاب لفتني في إحدى الملتقيات التي زرتها مؤخراً اذ لم يتخلى عبر الموضوع المطروح في الملتقى وعن أسلوبيته التي تحمل في الأساس ذاك النفس التراثي الذي حملني لأتعجل الوصول إلى لوحته التي تحولت الأشكال فيها إلى رموز تتوضع بانتظام ضمن فضاء لوني مغاير لتبدو كما ظلال غنية تمضي في مسير أفقي لتسرد قصصاً وحكايا ولدت في زمن غابر وتابعت طريقها عبر لوحته لتشق مسارا لها من اليسار إلى اليمين ولتقول لمعتز العمري قد حضرنا إليك لتشكلنا بنفحات الروح بين يديك وتسقطنا ظلالاً من الماضي تروي جنائن الحاضر بقطرة لننبت في مستقبل الإبداع زهرة
( لرسم أي موضوع يفرض عليك نحتاج الإحاطة به وفهمه جيدا وإيجاد تلك التقاطعات التي تنم عن عشقك له وتأصله في ذاتك )
أما حين تكون العلاقة مع الموضوع متأصلة في الجذور ونابعة من ذكريات الروح كما هي الحال عند فناننا الذي تتلمس من لوحاته طروحات تلامس قضيته وهي قضية وطن وشعب مهجر تلك القيمة في أعماله تأتي تلقائيا لأنه في قلب الحدث يعيشه بكل تفاصيله بقلبه وروحه وبعده المكاني يطبع ذاكرته وفرشاته بالحنين
ماعدا ذلك يفترض أن يكون لأسلوبيته تلك المرونة القادرة على تأكيد ذاتها عبر أي موضوع مطروح فأنت تعطر أسلوبيتك بخصوصية نابعة من روحك الصادقة والمرونة لا تكمن في التخلي عن أسلوبيتك وخصوصيتك حين التطرق لأي موضوع مفروض المرونة تكمن في قدرتك على معالجة أي موضوع كان دون أن تتخلى عن ذاتك او دون أن يشكل ذلك الموضوع خللا أو إرباك … وحين لا تتشبع روحك بذاك الموضوع فالأفضل التخلي والاعتذار وذلك حق ..
تلك هي لوحة الفنان معتز العمري تفوح عطراً في عيون الحاضرين وتأمل حظوتها بين المشاهدين وكي لا يكون اللباس فضفاضاً


أقول قد تتقاطع لوحاته على المدى الطويل مكانياً وزمانياً مع فنانين آخرين من حيث الشكل ومن حيث أسلوبية الأداء الساعي لإبراز مفردات العمل عبر تطهير الفراغ
أما من حيث المضمون فكل فنان ينبض عبر لوحاته المشغولة بهذا القياس بإرث أجداده وبالأساطير الحاضرة في مخيلتي أولاده
ولكن لوحة معتز العمري ترقى بقدر ما تظهره من تمكن ورؤيا أكثر توازنا ونضجاً وقدرة على استحضار الرموز وإغناء العمل بكليته وبكل ما تعنيه تلك الكلمة من معنى وتتجلى قدرته على الاشتقاقات اللونية حين يصير للظلال الملونة ظلال حرة وحين تتوالد الأشكال بكثرة عبر تقنية تغطية الفراغ .. وإن بدا ذاك الأثر الزخرفي في لوحاته فتلك ميزة وليست اتهام كونه استطاع عبر تقنيته المتبعة من تحرير الزخرفة من مفهومها العقلاني وإدخالها في عوالمه الحسية والأكثر حرية …


يبقى الحديث مفتوحا حول تفاصيل تتعلق بالتكنيك المتبع أختصرها عبر عمل وسطح غني بالأحبار بالخطوط والالوان وبحس تجريدي ليلج لاحقا لاستحضار الأشكال عبر ذاكرة ضبابية تتوزع من خلالها مفردات الشكل وظلاله ضمن توازنات مدروسة ومساحة تربط فيما بينها في الخلفية

Leave a Reply