أرى غزة في كل مكان وأي مكانالتجريب المفاهيمي في الواقع اإلنساني

with No Comments

يقدّم متحف فرحات الفن من أجل اإلنسانية مجموعة من األعمال الفنية الفتوغرافية التي ترتكز على
األسلوب المفاهيمي ضمن مجموعة فنية تجمع أكثر من 50 بوستر فني تقدّمها ضمن مواضيعها اإلنسانية
المختلفة التي تدور في مفاهيمية العدوان األخير على غزة ب عنوان “أرى غزة في كل مكان وأي مكان”.
ومتحف فرحات متحف مستقل مضمونه يرتكز على مقياس اإلنسانية وفكرة الفن المعبر عن الذات
والبشرية عن الكون والقضايا العادلة وروح االنتماء لهذه األرض، بما يخدم الفن واالنسان وحرية التعبير
وضمان الجماليات الفنية في الرموز والمقاصد والتنوع واالبتكار واالندماج والتجدد من خالل مجموعات
هائلة تضم لوحات وتحف ومنحوتات ومقتنيات مادية تعود للمراحل الكالسيكية والحديثة والمعاصرة،
فالمتحف توثيق جمالي للحظة خالدة في الثقافة البصرية الشرقية واإلنسانية في العموم.
غزة العمل الفني.. غزة المفهوم الفني


يقدّم المتحف األعمال المفاهيمية ضمن رؤى ومواقف فنية وإنسانية تعبّر عن سياسة الكيل بمكيالين
والتجاهل الدولي للهمجية الالانسانية من عدة تفصيالت حسيّة وترؤيوية بعيدة المدى تؤ ّسس لذلك التصور
المفاهيمي المبني على خصائص تقنية حديثة منها التصّور الفوتوغرافي األداء والتركيب التفعيل
والتجريب وهي تصاميم مثبّتة على مبدأ االنسان واإلنسانية الطفولة والح ّق كعالمات رمزية تش ّكل تلك
المفاهيم التي تقدّمها.


تحمل األعمال البعد الفوتوغرافي المبالغ في تصميم الواقعية الحاسمة والتعبيرية التي ج ّردت من حواس
فمنذ ظهور الصورة الفوتوغرافية تعّو االنتظار من خالل البعد الرقمي، د المتلقي على البحث في تفاصيلها
والتقاطها بحواسه، سواء تلك الغارقة في الماضي أو الحديثة المواكبة للحدث والمشاهد والطبيعة واإلنسان
وهو ما ساعد على تحولها من تثبيت وترسيخ الحدث والوقائع إلى التعبير الفني بها باكتمال قيمها مع
توضيح تعدّد األسلوب وتكاثف المعنى والتلقي والتذوق فأ صبحت األساليب التشكيلية بدورها خاضعة
لمنطق الفوتوغرافيا وأثرها وتأثيرها فمن التجريد إلى الدمج والتركيب والسريالية والواقعية المفرطة
والكوالج تماهى الجانب اإلبداعي واختلف بما يليق ومجاز المعنى والفهم واألسلوب الذي ر ّكزه نعيم
فرحات فنيا وبصريا وحسيا وانسانيا.


فالتصوير في فنياته الواضحة يعتمد الشكل والتكوين في توليفة الخصائص والمساحة والعناصر لون
وضوء وظالل ومكمالت التنسيق بينها خلق التوازن بما يصل تلك المواقف المتوافقة مع المفهوم
األول في تصوير األطفال الشهداء والدمار والخيم واألرقام التي حّول االنسان إلى ع ّداد للموت
ومستعد لتلقي الموت بحدث بارد ال تحريك فيه ارتكازا على فكرة القطيع المبرمج على وسائل
التواصل االجتماعي وتلك المشاعر المتصنّعة ليحقق البعد الماورائي للصورة ويمنح تفسيراتها
دالالت رمزية ذات تعبير وجودي وح ّسي وانساني وموقف آخر للصور ومنها يقترب ويبتعد عن
الواقع بتأثيراته المادية والمعنوية وسردياته البصرية المعتمدة على الحس والحساسية التي تص ّب في
النهاية في خانة االنسان واالنسانية.


فالمفاهيمية تعبّر عن رؤية فنية حديثة تبلورت أسسها في أوروبا والواليات المتحدة األمريكية نهاية
الخمسينات لتنتشر في بقية دول العالم، تعبّر في محتواها العام عن حالة تحويل الفكرة إلى أعمال ملموسة
وتجسيدها واقعا بصريا بناء على تصورات مختلفة التقبل الذاتي لها، حيث تصاغ بخامات متنوعة، فمن
يتبعون هذا المسار يؤمنون أن الفن خلق مفهومي باألساس.
فالمنجز الفني الذي يقدّمه متحف فرحات في تصوراته عن غ ّزة يكتسب جماليته من الحالة والفكرة
المج ّسدة حتى لو كانت غير مألوفة في تنسيقاتها وعناصرها، فالفكرة مرتبة وفق السياق البصري للحدث
وتصاعده وتأثيراته الفردية والجماعية ومدلوالته بمعنى تحويل الفن البصري إلى فن ثقافي له منحى
فلسفي وجودي وعلمي وله موقف، وبالتالي كسر القواعد الكالسيكية والتمرد البصري بالفكرة والرمز مع
التركيب المبني على األداء والتجسيد واالنشاء والفوضى والترتيب والعرض الذي يرتقي لمستوى الفهم
والتعبير وفق موقف وحالة ومشاعر وتراكمات كثيرا ما وصدلت حدّ الصدمة والتصادم بين موقفين
وايديولوجيتين،رغم النّمط ال ُمر ّكب الذي تتميّز به المجموعة إال أنها تو ّضح الموقف من خالل المفهوم
بالطرق المعاصرة وباللغة الرقمية الحديثة، فقد بدت وكأ ّن قوالبها لم تعُد قادرة على استشكال مفاهيم
التاريخ والذاكرة.


فالفن المفاهيمي تقدّمه التصاميم البصرية في المجموعة تحاكي غزة المكان والزمان والعالم كتعبير عن
الواقع والوجود وانطالقا من فكرته التي تفسره فهو يعود إلى البدايات مع تعّمق مع تنوع ومع تصعيد
حس ّي ، فمقصده لفت النظر بالفن والتركيز على االنسان في غزة بالتعبير عن مواقفه وما يعايشه وما
يطمح إليه من تغيرات وتراكمات والتهكم على السياسة الدولية التي تصدّم الجاني رغم ال أدلته وتكذب
الضحية رغم أن كل العالم يشاهد ويحصي الموت والدمار وهي تناقضات مختلفة اجتماعيا وسياسيا في
ظل التفكك والتغير.


إن الفن هو الذي يعبّر حقيقة ورمزا وموقفا من خالل التواصل واالستمرار في التعبير والتطوير البصري
من خالل المفهوم األول “فلسطين” والمظلمة التي تقع على الهوية واالنتماء واألرض والجذور وهو ما
ش ّكل عالماته في المجموعة وسبب اعتماد المفاهيمية التي تعبّر عن تح ّرر من القيود وفق منطلقات فكرية


وإنسانية شاملة وهو ما و ّسع دوائر تعبيره وأفقها الممتد سواء في الفكرة أو الخامات والمادة التي يجسد
وفقها المجموعة، فالفكرة هي الهدف وهي المفهوم هي كسر السائد بالحق.
*األعمال المرفقة:
متحف فرحات الفن من أجل اإلنسانية
Farhat Art Museum Collections

Leave a Reply