ترتبط لوحة الفنانة «جيهان قطان» بالمعنى الفني الذي تشكّل من قوله «ولئن أكتظت شواطئكم بالسفن
المشحونة، العالقة بالرمال، والتي ترتقب المد لينتشلها، فليس لكم أن تعجلوا ساعات مدّكم»، وبما يرضي الإحساس البصري الذي يهدف إلى تذوق الشكل الحلزوني أو الدوائر التي تساعد في خلق حالات تعصف بالوجدان من خلال ما يتم تشكيله، بما هو مستوحى وضمن إبداعات الخيال بعيداً عن تبعثر الخطوط، كأنها تجمعها في خضم الأمواج بأسلوب فسيولوجي حدسي ذي معيار عائم جمالياً على عكس ما تثيره المثالية الفلسفية المنبثقة من الأشكال التي تجتمع كأشكال في الفضاء في صورة ذهنية هي بعفويتها تقودنا إلى المعنى دون تجسيده، بما هو مقتبس من «جبران خليل جبران» فالربط بين الأدب والفن من خلال شاعريته هو نوع من الخطوط الحلزونية اللامتناهية، وغير المفهومة التي يمكن لها أن تكون في الأذهان مسبقا. فالجماليات تتضح بعد كل صراع وهذا يتناقض مع ما يرضي العين في خطوطها اللولبية المريحة حسيا
فالجمال في كل شيء حولنا لا يمكن السيطرة عليه إنما يمكن تجديده لولبيا كلما زال، إذ لكل إنسان رؤاه الخاصة التي يستنتجها مما يقرأه أو حتى مما يراه. فالتفسيرات الفسيولوجية بين الأدب والفن هي استرشاد بشرارة لون أو خط أو فراغ أو حتى تلقّي ذهني يُثمر عنه قياسات ونسب ذات اتساق تخيّلي هو محاكاة للكلمة عبر الخطوط العريضة التي تؤسس ظليا لانعكاسات وجدانية، خصصتها «جيهان قطان» لاكتساب موضوعية جمالية نشأت من معنى أدبي غني بالصور الذهنية، وهذا ما أراده «جبران خليل جبران» الأديب والفنان الكاتب والرسام، لتكون كلماته كلوحات تتشكل بصور مختلفة، وحتى لكل كلمة معناها الخاص. فهل من صراعات فنية يشعر بها المتلقي كتعبير عن المشاعر المتجاذبة بين المعنى الأدبي والفن؟ وهل تتعارض الجملة الموسيقية مع الخط وإيقاعاته الحلزونية كما هي الحال في لوحة جيهان قطان هذه؟
خضم من الصراعات نعيشها في حيوات متعددة تمثل مجموعة من الخطوط اللولبية تثير زوبعة بصرية ترتبط بطريقة ما بأسلوب العيش الذي نمارسه، وكأننا في دوامة من الصراعات التي لا تنتهي، وتتبع بعضها البعض ضمن القوة الباردة والحارة أو الخير والشر، إذ تبرز الطاقة الشاعرية في الفن عندما تبلغ الحكمة أقصاها من خلال كلمة كتبها «جبران خليل جبران» لتصبح صورة ذهنية ينبثق عنها العديد من الخطوط التحررية، وإن كانت بشكل حلزوني تتغيّر فيه مستويات الجاذبية البصرية التي تمثل عدة محاور تصاعدية، وأخرى تنازلية تتعلق كسلسلة ذات دوران متقطع تمثل قوة الجذب، وفق تطورات اللفظ والمعنى تماما،
كأشكال الخط في حروف هي بحد ذاتها كالأمواج التي تعلق في تخبطها اللولبي كالسفن العالقة بين الأمواج تماما، كما الأنفس بمنعطفات تنطلق من نقطة وتنقطع عند نقطة أخرى، لتعود مرة أخرى وتتشكّل، وكأننا نولد ونتشكّل لولبيا في حلقات نلتف من خلالها على الذات لنحيا في صور نراها، كأننا أطياف تدور حول نقطة أو حول العودة وليس بعيداً عن المركز. فالحلزونيات في رسوماتها هي مرادفات لمعنى مصطلحي ناتج عن حكمة الإنسان في الحياة، والتي أمسك بها «جبران خليل جبران» وترجمها في رسوماته وقصائده وحتى ما كتبه من أدب وخاصة في قوله هذا. فهل الخطوط اللولبية في لوحة جيهان قطان تمثل الثقافات المختلفة التي انتمى لها جبران خليل جبران الأديب والفنان؟ وهل نموت ونحيا ونكرر الالتفاف على الذات كتعبير عن قوة التجدد والإيجابية بعد كم من الكوارث التي تصيبنا؟
Leave a Reply