ضحى عبدالرؤوف المُل
يتجاوز الفنان التشكيلي «محي الدين الحمصي «(MoheiAldeen-al-homsi) المظاهر الواقعية في الفن من خلال التجريد المبطن والمرن تعبيريا والمتوافق مع لغة رمزية هي تجسيد لافكار ومشاعر وتصورات حساسة وفريدة .
اذ يتعمق في المشاعر اللونية المستوحاة من الطبيعة، بديناميكية وحيوية ذات ابعاد تعبيرية، هي تجريد يعيد من خلاله انتاج الرؤيةالحياتية بتحليل بصري او بتعبيرفني عن شىء حقيقي. وفق خطوات فنية وايماءات تجريدية وتعبيرية مأخوذة من الحياة، وتلعب دوراً مهما في لفت الانتباه حيث تندمج الريشة في التفاصيل المرتبطة ببداية ونهاية اللوحة. اذ يعيد الفنان «محي الدين الحمصي» انتاج رؤية المشهد الطبيعي او الحياتي بتجريد لا يخلو من تعبيرات حسية يكثفها لونيا لتكون محور اهتمام ريشته. اذ يغرق المتأمل بصريا في لجج الالوان المتحررة التي تهدف الى خلق التأملات، وبالتالي فتح القدرة على الإلهام الطبيعي، بموضوعية نستطيع من خلالها استكشاف الذات بجمالية مبهجة ومتحررة من القيود التقليدية. لفن تجريدي هو تعبير لريشة تتناغم معها الألوان وفق سيمفونية تتوازن معها التفاصيل الغنية بالرؤى، وبخصوصية الايحاءات التي تضفي على التصورات نوعا من التخيل الجوهري لروحية الأشياء من حولنا ، والمشبعة بفلسفة فنية تعطي الالوان والاشكال الكثير من المعاني التي تنبض بالحياة، وإن تناقضت تقنيا او اسلوبيا بين التعبير والتجريد . إلا انه يفرض على ريشته مساراته بمعنى قدرته على مزج الالوان باستثنائية بصرية هي ايحاءات اللون الابيض، وما يمثله من قدرة على التغلغل او التجذر في مساحات تمثل الصفاء الذي ينسجم مع الخطوط والكتل ، وبقية الألوان القادرة على تمثيل المشاعر بشفافية ضوئية تعبر عن عمق افكاره ومواضيعه، وبحثه عن ماهيات الالوان اثناء الرسم . فهل من ثيمة حداثية في لوحات الفنان محي الدين الحمصي؟ أم أن العلاقة بين الحاضر والمستقبل هو لون أبيض واشراقاته المختلفة او علاقته بالالوان الاخرى؟
تختلف حركة الألوان في أعمال الفنان “محي الدين الحمصي” بين لوحة واخرى، وبنقلات ريشة تؤلف جملها البصرية بصياغة متينة وحبكة جمالية خاصة ذات حضور بهي، ورصانة بصرية تتصف بعقلانية غنية بالعاطفة او المشاعر المختلطة والمختلفة. والمتأثرة بالالوان ومضامينها من حيث التلاشي والاندماج او الاحرى التأثر والتأثير بمعنى آخر استخراج الاستبطان اللوني من خلال التفاعل مع الطبيعة والمساحات البيضاء ، فيذلل كل ذلك من خلال حركة الضوء، وقوته في ترجمة التفاصيل التي تتجه نحو التجريد، بتعبير يثير الشغف البصري، ويجعلنا نتعاطف مع كل الألوان خاصة الأصفر والأزرق ومع الملامح الانسانية والطبيعية التي تتلاحم وتتناقض. كما أنه يوحي بهارمونية المرأة والرجل ، وربما ما تضخه المرأة من رمزيات لانوثة الطبيعة وبكرها وجمالها . اضافة الى كونها الوطن والاحتضان والوجود بشكل عام. فهل تمازج الألوان في لوحاته يشكل نوعا من مدرسة خاصة هي بصمة محي الدين الجمالية، القادرة على الجذب البصري، وبتوازن بين اللون والضوء، وبجمع بين التعبير والتجريد وواقعية الرؤية الملغومة بغلبة الالوان خاصة الابيض، وبأريحية ذات انطلاقات تكوينية تتصف بالكثير من الانعكاسات البصرية التي تشكل معزوفات لونية تبرز بشكل أوسع مع تضادها وانسجامها مع الابيض، وما بين التعبير والتجريد تبرز اشكالية الصفاء البصري، واسس الالوان غير المركبة في لوحاته وقدرتها على ترجمة نظرته الخاصة في الفن . فهل يحاول نفي قضايا الانسان وهمومه من خلال الرسم؟ أم يحاول منح البصر قوة انسانية ذات جمالية فنية؟ وهل تحمل لوحاته رسالة اللون الابيض في الحياة وقوته على التآخي او تغلغله مع الالوان الاخرى؟ أم أنه يترجم جمالية الوجود برمته من خلال تكوينات ترمز كل منها الى المرأة والرجل من خلال التكاثر اللوني وتعبيراته في لوحاته؟
Leave a Reply