|| Midline-news || – الوسط …
روعة يونس
.
لعله كان من الأفضل ارتداء ثياب الحِداد والذهاب إلى افتتاح معرض “زاوية حادة” للفنان المبدع أسامة دياب أحد أهم فناني سوريا التشكيليين. إذ لا يليق أن تكون متأنقاً في أزيائك الملونة، بينما أمامك لوحات دياب مسجاة على جدران صالة “لؤي كيالي” في الرواق الدمشقي.
تم افتتاح المعرض مساء أمس، بحضور نخبة من اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا، وفنانين من فلسطين والعراق، وجمهور من المتذوقين والمهتمين والإعلاميين، الذين تحدّوا حرارة الجو، ووصلوا إلى صالة “لؤي كيالي” في الرواق الدمشقي، يحفزهم عنوان المعرض “زاوية حادة”.
.
ربما من فاتته الحرب على سوريا وتوابعها التي نعيشها! يمكنه من خلال 24 لوحة فقط اختصار 10 سنوات من الحزن والوجع والقهر والدمار.. دمار الإنسان.
فلو عُرضت هذه اللوحات في أي بلد في العالم، وأُغفل اسم فنانها وعنوان المعرض، وسُئل المتلقي: ماذا ترى؟ لأجاب: الجحيم.
الأصعب: إنه جحيم موت مضاعف، ممتد، موت لا يموت، تتوالد مشاهده، وتخز وقائعه العين كما نصال زجاج مكسور مدببة تماماً كزوايا حادة، تجرّح الخام الأبيض بواقع قائم يعيشه إنسان الحرب. ولا يغمض فناننا عينه ويترك الأخرى مفتوحة! فهو لا يصوّر، بل يرسم بعينين مفتوحتين تذرف نصوصاً لونية برؤية منفرجة على أرض المقهورين المكلومين.
ولأن المتلقي أمام شخوص (حيّة) تنقهر وتجوع وتفقد وتؤسر وتنكسر وتضيع أمامه، من اللائق الحِداد على كل أخوتنا الذين أسرهم فناننا وأطلقهم في لوحاته، لا تعاطفاً بل توحداً بمصير إنساننا الذي مات ولا يزال يعيش. فمهما اختلفت ظروف الشخوص والمتلقين، نتقاطع معهم. فهم نحن.. ونحن هم.
.
.
لاشك بأن أسامة دياب صاحب التجربة التشكيلية الثرية، لن يعجز في خلق تقنيات فنية تنسجم مع أفكار معرضه وتترجمها، سواء من حيث الخطوط والضربات والكتل، أو من حيث الألوان السائدة في لوحاته التي تميزت بلوني (الأسود- الأبيض) ليس من قبيل الثنائية المتضادة، بل لخلق “الرمادي الدخاني” اللون السيد في لوحات معرضه. وما دخول الأحمر والأصفر الباهت، إلاّ لمزيد من تكريس دلالات معرضه. معرض الحزانى والفقراء واليتامى والمأسورين والمقموعين والمكسورين الذين ينثنون على أكبادهم كي تتصدع وتنفلت متدحرجة إلى الخلاص، وإن كان عبر الموت.
معرض رائع، موجع..
لا يعيب أساه الفادح ويأسه الفاضح، سوى أن فنانه لم يترك بارقة أمل تشق ولو إطاراً واحداً لإحدى لوحاته!
.
Leave a Reply