شهدت صالة هيشون في اللاذقية هذا الأسبوع افتتاح معرض الفنان الشاب معتز العمري المعروف بنشاطه كمدرس لمادة الفنون وأحد العاملين المتميزين في المركز التربوي للفنون في دمشق، هذا الفنان الفلسطيني المجتهد يسير على خطى أولئك المبدعين أمثال محمد الوهيبي ومصطفى الحلاج الذين أثروا الحياة التشكيلية العربية والفلسطينية خصوصا، وللوحة العمري شخصيتها الخاصة التي لم تبتعد في السياق عن المنجز الفلسطيني الغني بالترميز الكنعاني ورسم معالم الأسطورة والملحميات في صياغة خاصة تقع بين فن التصوير والحفر “الغرافيك” هذه الاقنية المختلطة من الصعب حصرها في جهة معينة من المدارس والأساليب التقليدية، فسمة البحث الواضحة هي عنوانها المستند على خبرة الفنان المثقف الذي استطاع أن يستفيد من تجارب سابقة دون الوقوع في هيمنتها وتقليدها الحرفي، فهو يعمل على التكامل بين الموضوع والتقنية بمعنى أن أفكار الفنان تملي تكنيكا محددا مثلما يملي عليه حسه البنائي في تحقيق تكوينات قائمة على التراصف المنضبط دون رتابة أو هندسية مباشرة، فحينا نرى فضاء اللوحة مفتوحا وبلا حدود وحينا آخر نجد الرزانة والمتانة في التكوين والتلوين من خلال عجينة لونية تعمل عمل الحذف والاصطفاء في سبيل التوازن والاستقرار البنائي واللوني.
يرسم العمري بلغة الباحث عن دهشة غير مباشرة بل يذهب نحو الاتزان في المعنى فلا مباشرة معلنة ولا استدراج للمتلقي بتلك الألوان القوية، بل ينتبه إلى داخله الخجول ونلحظ ذلك واضحا ضمن عائلة ألوانه الترابية والرمادية وخطوطه الغرافيكية الواضحة كمحددات للشكل.
صالة هيشون هي الصالة المميزة في محافظة اللاذقية التي استطاعت بإدارتها كسب جمهور واسع مثلما كسبت احترام الفنانين السوريين لسوية وتنوع عروضها، فقد استقدمت فناني العاصمة خلال السنوات الماضية وحققت عددا من المعارض الفردية والجماعية مما يحسب لها أنها الأولى في كسر احتكار العاصمة للعروض التشكيلية.
أكسم طلاع
Leave a Reply